كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



وَأَمَّا خُرُوجُ الْوَقْتِ فَقَالَ النَّوَوِيُّ يُشْتَرَطُ الْأَمْنُ عَلَيْهِ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ لَا يُشْتَرَطُ وَجَمَعَ الرَّمْلِيُّ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ كَلَامِ النَّوَوِيِّ عَلَى مَا إذَا كَانَ فِي مَحَلٍّ يَسْقُطُ فِيهِ الْفَرْضُ بِالتَّيَمُّمِ وَحُمِلَ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ عَلَى خِلَافِهِ فَإِنْ كَانَ فَوْقَ ذَلِكَ وَيُسَمَّى حَدَّ الْبُعْدِ لَمْ يَجِبْ طَلَبُهُ مُطْلَقًا. اهـ.
(قَوْلُهُ وَخُرُوجَ الْوَقْتِ) أَيْ وَانْقِطَاعًا عَنْ رُفْقَتِهِ مُغْنِي زَادَ النِّهَايَةُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْحِشْ. اهـ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَدْرَ نَظَرِهِ) أَيْ الْمُعْتَدِلِ نِهَايَةٌ وَشَيْخُنَا وَسَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ مِثْلُهُ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ غَلْوَةُ سَهْمٍ) أَيْ غَايَةُ رَمْيِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَشَرْحُ بَافَضْلٍ أَيْ إذَا رَمَاهُ مُعْتَدِلَ السَّاعِدِ وَهِيَ ثَلَاثُمِائَةِ ذِرَاعٍ كَمَا أَوْضَحْته فِي الْفَوَائِدِ الْمَدَنِيَّةِ فِي بَيَانِ مَنْ يُفْتَى بِقَوْلِهِ مِنْ مُتَأَخِّرِي السَّادَةِ الشَّافِعِيَّةِ بِمَا لَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ سَبَقَنِي إلَيْهِ فَرَاجِعْهُ مِنْهُ إنْ أَرَدْته كُرْدِيٌّ وَفِي ع ش عَنْ الْمِصْبَاحِ هِيَ أَيْ غَلْوَةُ سَهْمٍ ثَلَثُمِائَةِ ذِرَاعٍ إلَى أَرْبَعِمِائَةٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ مَعَ تَشَاغُلِهِمْ) أَيْ بِأَحْوَالِهِمْ (وَتَفَاوُضِهِمْ) أَيْ فِي أَقْوَالِهِمْ نِهَايَةٌ أَيْ وَمَعَ اعْتِدَالِ أَسْمَاعِهِمْ وَمَعَ اعْتِدَالِ صَوْتِهِ وَابْتِدَاءُ هَذَا الْحَدِّ مِنْ آخِرِ رُفْقَتِهِ الْمَنْسُوبِينَ إلَيْهِ لَا مِنْ آخِرِ الْقَافِلَةِ حَلَبِيٌّ وع ش وَحِفْنِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ) أَيْ حَدُّ الْغَوْثِ.
(قَوْلُهُ هَذَا) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ تَرَدَّدَ قَدْرَ نَظَرِهِ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَجْمُوعِ) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي عِبَارَتَهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَدُورَ الْحَدُّ الْمَذْكُورُ لِأَنَّ ذَلِكَ أَكْثَرُ ضَرَرًا عَلَيْهِ مِنْ إتْيَانِ الْمَاءِ فِي الْمَوْضِعِ الْبَعِيدِ بَلْ الْمُرَادُ أَنْ يَصْعَدَ جَبَلًا أَوْ نَحْوَهُ بِقُرْبِهِ، ثُمَّ يَنْظُرَ حَوَالَيْهِ. اهـ. وَهَذَا مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِالتَّرَدُّدِ إلَيْهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ جَبَلٌ صَعِدَهُ) أَيْ أَوْ وَهْدَةٌ صَعِدَ عُلُوَّهَا حَلَبِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَنَظَرَ حَوَالَيْهِ إلَخْ) يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّرَدُّدِ فِي هَذَا الْحَدِّ عَلَى الْأَوَّلِ وَالصُّعُودِ عَلَى جَبَلٍ وَالنَّظَرِ حَوَالَيْهِ عَلَى الثَّانِي حَيْثُ تَوَهَّمَهُ فِي هَذَا الْحَدِّ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا فِي مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ مِنْهُ وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ حِينَئِذٍ السَّعْيُ إلَيْهِ فَقَطْ بِشَرْطِهِ لِأَنَّهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ مُتَيَقِّنٌ عَدَمَهُ فِيمَا عَدَاهُ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ تَوَهَّمَهُ فِي مَنْزِلِهِ فَقَطْ أَوْ رُفْقَتِهِ فَقَطْ طَلَبَهُ مِنْهُ لَا غَيْرُ بِطَرِيقِهِ السَّابِقِ أَوْ بِمَحَلٍّ مُعَيَّنٍ مِنْ حَدِّ الْغَوْثِ يَسْعَى إلَيْهِ فَقَطْ أَوْ فِي غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَنْ يَجْرِيَ الْخِلَافُ فِي الْمُعَيَّنِ الْمَذْكُورِ أَيْضًا فَيُنْظَرُ إلَيْهِ إنْ كَانَ بِمَسْتُورٍ وَأَلَّا يَسْعَى إلَيْهِ أَوْ يَصْعَدَ بِحَيْثُ يَرَاهُ عَلَى الْخِلَافِ بَصْرِيٌّ أَقُولُ كَلَامُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِيمَا اسْتَظْهَرَهُ كَمَا يَظْهَرُ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَغَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ إنْ أَمِنَ) أَيْ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
(قَوْلُهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ) إتْيَانُهُ الْمَاءَ فِي الْمَوْضِعِ الْبَعِيدِ.
(قَوْلُهُ عَلَيْهِ) أَيْ وَاجِبًا عَلَيْهِ ع ش.
(قَوْلُهُ فَقَدْ أَشَارَ إلَى نَقْلِ الْإِجْمَاعِ إلَخْ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ إتْيَانُ الْمَاءِ فِي الْمَوْضِعِ الْبَعِيدِ فَالْإِجْمَاعُ فِيهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ وُقُوعُهُ فِي الْمَقِيسِ وَإِنْ كَانَ أَوْلَى لِاحْتِمَالِ الْفَارِقِ بَصْرِيٌّ أَقُولُ اعْتِبَارُ مُجَرَّدِ الِاحْتِمَالِ مَعَ تَحَقُّقِ الْأَوْلَوِيَّةِ يُؤَدِّي إلَى سَدِّ بَابِ الِاسْتِدْلَالِ.
(قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ) أَيْ حَمْلُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ أَوْ حَمْلُ قَوْلِهِمْ وَإِنْ كَانَ بِقُرْبِهِ إلَخْ وَالْمَآلُ وَاحِدٌ.
(قَوْلُهُ لِوُجُوبِ التَّرَدُّدِ) الْأَوْلَى لِلتَّرَدُّدِ.
(قَوْلُهُ وَحَمْلُ الْأَوَّلِ) أَيْ مَا فِي الْمَتْنِ وَالرَّوْضَةِ.
(قَوْلُهُ لَا يُفِيدُهُ النَّظَرُ إلَخْ) أَيْ إلَى الْجِهَاتِ الَّتِي يُحْتَمَلُ وُجُودُ الْمَاءِ فِيهَا فَهُوَ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ ع ش.
(قَوْلُهُ فَيَتَعَيَّنُ التَّرَدُّدُ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُفِدْ نَحْوُ الصُّعُودِ إحَاطَةَ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَرَدَّدَ وَيَمْشِيَ فِي كُلٍّ مِنْ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ إلَى حَدِّ الْغَوْثِ وَفِيهِ بُعْدٌ لِأَنَّ هَذَا رُبَّمَا يَزِيدُ عَلَى حَدِّ الْبُعْدِ هَذَا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَتَرَدَّدُ وَيَمْشِي فِي مَجْمُوعِهَا إلَى حَدِّ الْغَوْثِ لَا فِي كُلِّ جِهَةٍ حَلَبِيٌّ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ عَنْ شَيْخِهِ عَبْدِ رَبِّهِ أَنَّهُ يَمْشِي فِي كُلِّ جِهَةٍ مِنْ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ نَحْوَ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ بِحَيْثُ يُحِيطُ نَظَرُهُ بِحَدِّ الْغَوْثِ فَالْمَدَارُ عَلَى كَوْنِ نَظَرِهِ يُحِيطُ بِحَدِّ الْغَوْثِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَجْمُوعُ الَّذِي يَمْشِيهِ فِي الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ بَلَغَ حَدَّ الْغَوْثِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلْحَلَبِيِّ بُجَيْرِمِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَوْ ضَبَطَ حَدَّ الْغَوْثِ) أَيْ أَوْ أَرَادَ قَدْرَ حَدِّ الْغَوْثِ (فَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ فَقَدْرُ نَظَرِهِ قَدْرُ حَدِّ الْغَوْثِ.
(قَوْلُهُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى حَدِّ الْغَوْثِ.
(قَوْلُهُ بِمَا جَمَعْت إلَخْ) يَعْنِي قَوْلَهُ وَهُوَ غَلْوَةُ سَهْمٍ الْمُسَمَّى بِحَدِّ الْغَوْثِ وَلَوْ قَالَ بِمَا فَسَّرْته بِهِ لَسَلِمَ عَنْ إيهَامِ إرَادَةِ قَوْلِهِ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ النَّظَرُ الْمُعْتَدِلُ) هَذَا الْوَصْفُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْقَيْدِ أَيْ تَرَدَّدَ قَدْرَ نَظَرِهِ إنْ كَانَ مُعْتَدِلًا وَبِهَذَا يُجَابُ عَمَّا نَظَرَ بِهِ سم مِنْ أَنَّ هَذَا الْوَصْفَ إنَّمَا يَتَأَتَّى لَوْ كَانَ الْمُرَادُ جِنْسَ النَّظَرِ أَمَّا بَعْدَ تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهِ نَظَرَ مُرِيدِ التَّيَمُّمِ فَنَظَرُهُ لَا يَكُونُ تَارَةً قَوِيًّا وَتَارَةً ضَعِيفًا عَلَى حَالَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَجَابَ عَنْهُ بِمَا لَعَلَّ مَا ذَكَرْنَاهُ أَقْرَبُ مِنْهُ ع ش وَقَوْلُهُ وَأَجَابَ عَنْهُ بِمَا إلَخْ وَهُوَ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ نَظَرَهُ قَدْ يَتَفَاوَتُ شِدَّةً وَضَعْفًا وَتَوَسُّطًا بِحَسَبِ الْأَوْقَاتِ. اهـ.
(قَوْلُهُ فَلَا اعْتِرَاضَ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالنَّظَرِ الْمُعْتَدِلُ وَيَدَّعِي أَنَّ قَدْرَ النَّظَرِ الْمُعْتَدِلِ مُسَاوٍ لِحَدِّ الْغَوْثِ بَصْرِيٌّ.
(فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) الْمَاءَ بَعْدَ الطَّلَبِ الْمَذْكُورُ (تَيَمَّمَ) لِحُصُولِ الْفَقْدِ حِينَئِذٍ (فَلَوْ) طَلَبَ كَمَا ذُكِرَ وَتَيَمَّمَ و(مَكَثَ مَوْضِعَهُ) وَلَمْ يَتَيَقَّنْ بِالطَّلَبِ الْأَوَّلِ أَنْ لَا مَاءَ (فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ الطَّلَبِ) مِمَّا يُتَوَهَّمُ فِيهِ الْمَاءُ ثَانِيًا وَثَالِثًا وَهَكَذَا حَيْثُ لَمْ يُفِدْهُ الطَّلَبُ الْأَوَّلُ يَقِينَ الْفَقْدِ (لِمَا يَطْرَأُ) مِنْ نَحْوِ حَدَثٍ وَإِرَادَةِ فَرْضٍ ثَانٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَطَّلِعُ عَلَى بِئْرٍ خَفِيَتْ عَلَيْهِ أَوْ يَجِدُ مَنْ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَيَكُونُ الطَّلَبُ الثَّانِي أَخَفَّ وَنَظَرَ فِيهِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ انْعِدَامُهُ لَوْ تَكَرَّرَ وَيُجَابُ بِمَنْعِ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يُفِدْهُ التَّكَرُّرُ الْيَقِينَ فَإِنَّهُ لَابُدَّ فِي كُلِّ طَلَبٍ مِنْ النَّظَرِ أَوْ التَّرَدُّدِ عَلَى مَا مَرَّ وَإِنَّمَا التَّفَاوُتُ فِي الْإِمْعَانِ فِي التَّفْتِيشِ لَا غَيْرُ بِتَسْلِيمِهِ حَيْثُ أَفَادَهُ التَّكْرَارُ الْيَقِينَ ارْتَفَعَ الطَّلَبُ عَنْهُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَلَا وَجْهَ لِلنَّظَرِ حِينَئِذٍ أَمَّا إذَا انْتَقَلَ لِمَحَلٍّ آخَرَ أَوْ حَدَثَ مَا يُوهِمُ مَاءً كَرُؤْيَةِ رَكْبٍ أَوْ سَحَابٍ فَيَلْزَمُهُ الطَّلَبُ قَطْعًا (فَلَوْ عَلِمَ) عِلْمًا يَقِينِيًّا نَعَمْ يَظْهَرُ أَنَّ إخْبَارَ الْعَدْلِ كَافٍ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ أَقَامَهُ فِي مَوَاضِعَ مَقَامَ الْيَقِينِ (مَاءً) بِمَحَلٍّ (يَصِلُهُ الْمُسَافِرُ لِحَاجَتِهِ) كَاحْتِطَابٍ (وَجَبَ قَصْدُهُ)؛ لِأَنَّهُ إذَا سَعَى إلَيْهِ لَشَغَلَهُ الدُّنْيَوِيُّ فَالدِّينِيُّ أَوْلَى وَيُسَمَّى حَدَّ الْقُرْبِ وَهُوَ أَزْيَدُ مِنْ حَدِّ الْغَوْثِ السَّابِقِ، وَمِنْ ثَمَّ ضَبَطُوهُ بِنِصْفِ فَرْسَخٍ تَقْرِيبًا، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ قَصْدُهُ (إنْ لَمْ يَخَفْ) خُرُوجَ الْوَقْتِ وَإِلَّا كَأَنْ نَزَلَ آخِرَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ وَإِنْ تَبِعَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ بَلْ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي بِلَا قَضَاءٍ، وَإِنَّمَا لَزِمَ مَنْ مَعَهُ مَاءٌ التَّطَهُّرُ بِهِ وَإِنْ عَلِمَ خُرُوجَ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهُ وَاجِدٌ وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِيمَنْ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ لَوْ تَيَمَّمَ وَإِلَّا لَزِمَ قَصْدُهُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ؛ لِأَنَّهُ لَابُدَّ لَهُ مِنْ الْقَضَاءِ وَلَمْ يَخَفْ (ضَرَرَ نَفْسٍ) أَوْ عُضْوٍ أَوْ بُضْعٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ (أَوْ مَالٍ) كَذَلِكَ فَوْقَ مَا يَجِبُ بَذْلُهُ فِي الْمَاءِ ثَمَنًا أَوْ أُجْرَةً فَإِنْ خَافَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ تَيَمَّمَ لِلْمَشَقَّةِ بِخِلَافِ مَالٍ يَجِبُ بَذْلُهُ؛ لِأَنَّهُ ذَاهِبٌ مِنْهُ إنْ قَصَدَ الْمَاءَ وَإِنْ تَرَكَ فَلَزِمَهُ الْقَصْدُ لِعَدَمِ الْعُذْرِ حِينَئِذٍ وَبِخِلَافِ اخْتِصَاصٍ؛ لِأَنَّهُ لَا خَطَرَ لَهُ فِي جَنْبِ يَقِينِ الْمَاءِ مَعَ قُدْرَةِ تَحْصِيلِهِ، إذْ دَانِقٌ مِنْ الْمَالِ خَيْرٌ مِنْهُ وَإِنْ كَثُرَ وَزَعَمَ أَنَّ هَذَا لَا يَأْتِي فِي نَحْوِ الْكَلْبِ إلَّا إنْ حَلَّ قَتْلُهُ وَإِلَّا فَلَا طَلَبَ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ سَقْيُهُ وَالتَّيَمُّمُ فَكَيْفَ يُؤْمَرُ بِتَحْصِيلِ مَا لَيْسَ بِحَاصِلٍ وَيُضَيِّعُهُ غَلَطٌ فَاحِشٌ؛ لِأَنَّ الْخَشْيَةَ عَلَى الِاخْتِصَاصِ هُنَا إنَّمَا هِيَ خَشْيَةُ أَخْذِ الْغَيْرِ لَهُ لَوْ قَصَدَ الْمَاءَ وَتَرَكَهُ لَا خَشْيَةُ ذَهَابِ رُوحِهِ بِالْعَطَشِ وَخَوْفُ انْقِطَاعٍ عَنْ الرُّفْقَةِ حَيْثُ تَوَحَّشَ بِهِ عُذْرٌ هُنَا لَا فِي الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهُ هُنَا يَأْتِي بِالْبَدَلِ وَالْجُمُعَةُ لَا بَدَلَ لَهَا (فَإِنْ كَانَ) الْمَاءُ (فَوْقَ ذَلِكَ) الَّذِي هُوَ حَدُّ الْقُرْبِ وَيُسَمَّى حَدَّ الْبُعْدِ (تَيَمَّمَ) وَإِنْ عَلِمَ وُصُولَهُ فِي الْوَقْتِ لِلْمَشَقَّةِ التَّامَّةِ فِي قَصْدِهِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) الْفَقْدُ الشَّرْعِيُّ كَالْحِسِّيِّ بِدَلِيلِ مَا لَوْ مَرَّ مُسَافِرٌ عَلَى مَاءٍ مُسَبَّلٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَيَتَيَمَّمُ وَلَا يَجُوزُ الطُّهْرُ مِنْهُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ لِقَصْرِ الْوَاقِفِ لَهُ عَلَى الشِّرْبِ نَقَلَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ عَنْ الْأَصْحَابِ.
وَأَمَّا الصَّهَارِيجُ الْمُسَبَّلَةُ لِلشِّرْبِ فَلَا يَتَوَضَّأُ مِنْهَا أَوْ لِلِانْتِفَاعِ فَيَجُوزُ الْوُضُوءُ وَغَيْرُهُ وَإِنْ شَكَّ اجْتَنَبَ الْوُضُوءَ قَالَهُ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَالَ غَيْرُهُ يَجُوزُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْخَابِيَةِ وَالصِّهْرِيجِ بِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ فِيهَا الِاقْتِصَارُ عَلَى الشِّرْبِ، وَالْأَوْجَهُ تَحْكِيمُ الْعُرْفِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْحَالِ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يُفِدْهُ الطَّلَبُ الْأَوَّلُ يَقِينَ الْفَقْدِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَيْ، وَلَوْ بِقَوْلِ عَدُولٍ طَلَبْنَاهُ فَلَمْ نَجِدْهُ كَمَا اعْتَمَدَهُ جَمْعٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ الْعَدْلَانِ، وَلَوْ عَدْلَيْ رِوَايَةٍ بِالْعَدُولِ وَفَارَقَ مَا يَأْتِي مِنْ الِاكْتِفَاءِ فِي تَيَقُّنِ وُجُودِ الْمَاءِ بِوَاحِدٍ بِالِاحْتِيَاطِ لِلْعِبَادَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ. اهـ. وَهَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ فِي فَإِنْ تَيَقَّنَ الْمُسَافِرُ مِنْ كِفَايَةِ الْعَدْلِ، ثُمَّ قَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ هُنَا بِالْوَاحِدِ وَفَرَّقَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بَيْنَ الْعَمَلِ بِهَذَا الْخَبَرِ وَعَدَمِ الْعَمَلِ بِخَبَرِ مَنْ طَلَبَ لَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِأَنْ فَعَلَ هَذَا كَالْعَبَثِ حَيْثُ طَلَبَ لِمَنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فَأَوْرَثَ رِيبَةً فِي خَبَرِهِ وَبَسَطَ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ.
(قَوْلُهُ يَقِينُ الْفَقْدِ) أَيْ وَإِنْ ظَنَّ الْفَقْدَ كَمَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ.
(قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَخَفْ خُرُوجَ الْوَقْتِ) يَحْتَمِلُ الِاكْتِفَاءَ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ فِي الْوَقْتِ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا كَأَنْ نَزَلَ آخِرَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ) هَذَا مُصَوَّرٌ كَمَا تَرَى بِمَا إذَا نَزَلَ آخِرَ الْوَقْتِ وَالْمَاءُ فِي حَدِّ الْقُرْبِ، وَلَوْ قَصَدَهُ خَرَجَ الْوَقْتُ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِيمَا إذَا نَزَلَ آخِرَ الْوَقْتِ وَلَا يَعْلَمُ مَاءً فِي حَدِّ الْقُرْبِ، وَلَوْ طَلَبَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَبَرِ فِي الطَّلَبِ خَرَجَ الْوَقْتُ وَيَسْقُطُ الطَّلَبُ أَيْضًا عِنْدَ النَّوَوِيِّ؛ لِأَنَّهُ إذَا سَقَطَ وُجُوبُ قَصْدِ الْمَاءِ الْمُتَيَقَّنِ فَسُقُوطُ التَّفْتِيشِ عَلَى غَيْرِ الْمُتَيَقَّنِ أَوْلَى وَإِذَا سَقَطَ لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا لِمَا سَبَقَ عَنْ ابْنِ الْأُسْتَاذِ؛ لِأَنَّهُ يُخَصُّ ذَاكَ بِمَنْ كَانَ نَازِلًا فِي جَمِيعِ الْوَقْتِ وَيُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ إنْ تَمَكَّنَ مِنْ الطَّلَبِ قَبْلَ ضِيقِ الْوَقْتِ فَأَخَّرَ إلَى ضِيقِهِ فَيُتَّجَهُ أَنْ لَا يَسْقُطَ عَنْهُ الطَّلَبُ، وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ لِنَحْوِ تَحَقُّقِ عَدَمِ الْمَاءِ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى مَحَلِّ ضِيقِ الْوَقْتِ فَلَا يَبْعُدُ سُقُوطُ الطَّلَبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى سُقُوطِ السَّعْيِ حِينَئِذٍ لِلْمَاءِ الْمُحَقَّقِ الْوُجُودِ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا كَأَنْ نَزَلَ آخِرَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ) وَبِالْأَوْلَى لَوْ نَزَلَ آخِرَ الْوَقْتِ وَلَا مَاءَ مَعْلُومٌ فَلَا يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ حِينَئِذٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الطَّلَبِ وَقَصْدِ الْمَاءِ الْمَعْلُومِ فِي حَدِّ الْقُرْبِ فَإِنَّ الْفَرْقَ لَا يَصِحُّ إذْ غَايَةُ الطَّلَبِ تَحْصِيلُ الْمَاءِ وَهُوَ لَوْ كَانَ مَعْلُومَ الْحُصُولِ ابْتِدَاءً لَمْ يَلْزَمْهُ قَصْدُهُ نَعَمْ يَنْبَغِي وُجُوبُ الطَّلَبِ مِنْ حَدِّ الْغَوْثِ بِشَرْطِهِ وَمَا تَقَرَّرَ لَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ الْأُسْتَاذِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَخَّرَ الطَّلَبَ إلَى ضِيقِ الْوَقْتِ لَمْ يَسْقُطْ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَنْ كَانَ نَازِلًا قَبْلَ ضِيقِ الْوَقْتِ بِزَمَنٍ يَسَعُ الطَّلَبَ أَيْ كَمَا تَقَدَّمَ (فَإِنْ قُلْت) قَوْلُهُ وَإِلَّا كَأَنْ نَزَلَ آخِرَهُ هَلْ يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَتَّجِهُ أَنْ يَتَعَلَّقَ الطَّلَبُ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ (قُلْت) لَا؛ لِأَنَّهُ يَنْبَغِي تَصْوِيرُ هَذَا بِمَا إذَا كَانَ سَائِرًا مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا الْمَاءَ كَانَ فِي حَدِّ الْبُعْدِ وَهُوَ لَا يَجِبُ طَلَبُهُ مَا دَامَ فِي حَدِّ الْبُعْدِ أَمَّا لَوْ كَانَ نَازِلًا فِي جَمِيعِ الْوَقْتِ مَثَلًا فَأَعْرَضَ عَنْ طَلَبِ الْمَاءِ الَّذِي عَلَى حَدِّ الْقُرْبِ مِنْهُ إلَى أَنْ ضَاقَ الْوَقْتُ فَلَا يَتَّجِهُ إلَّا وُجُوبُ الْإِعَادَةِ لِتَرْكِهِ الطَّلَبَ الْوَاجِبَ بَلْ لَا يَنْبَغِي سُقُوطُ الطَّلَبِ عَنْهُ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ حَاصِلُ ذَلِكَ.